*وفى كِتَاب الْجُمُعَةِ. باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
*فى الحديث:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَقَنَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الصُّبْحِ قَالَ نَعَمْ فَقِيلَ لَهُ أَوَ قَنَتَ قَبْلَ الرُّكُوعِ قَالَ بَعْدَ الرُّكُوعِ يَسِيرًا...
الشرح:
قوله: (قبل الركوع) زاد الإسماعيلي " أو بعد الركوع".
قوله: (بعد الركوع يسيرا) قد بين عاصم في روايته مقدار هذا اليسير حيث قال فيها " إنما قنت بعد الركوع شهرا " وفي صحيح ابن خزيمة من وجه آخر عن أنس " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم " وكأنه محمول على ما بعد الركوع. بناء على أن المراد بالحصر في قوله " إنما قنت شهرا " أي متواليا.
*وفى كِتَاب الْجُمُعَةِ. باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
*فى الحديث:
عن عَاصِمٌ قَالَ سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ عَنْ الْقُنُوتِ فَقَالَ قَدْ كَانَ الْقُنُوتُ قُلْتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ قَبْلَهُ قَالَ فَإِنَّ فُلَانًا أَخْبَرَنِي عَنْكَ أَنَّكَ قُلْتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقَالَ كَذَبَ إِنَّمَا قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الرُّكُوعِ شَهْرًا أُرَاهُ كَانَ بَعَثَ قَوْمًا يُقَالُ لَهُمْ الْقُرَّاءُ زُهَاءَ سَبْعِينَ رَجُلًا إِلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ دُونَ أُولَئِكَ وَكَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهْدٌ فَقَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِم....ْ
الشرح:
قوله: (قال: فإن فلانا أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال: كذب)... يبينه ما أخرجه ابن ماجة من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال " قبل الركوع وبعده " إسناده قوي، وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس " أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع وبعضهم بعد الركوع " وروى محمد بن نصر من طريق أخرى عن حميد عن أنس " أن أول من جعل القنوت قبل الركوع - أي دائما - عثمان، لكي يدرك الناس الركعة " وقد وافق عاصما على روايته هذه عبد العزيز بن صهيب عن أنس كما سيأتي في المغازي بلفظ " سأل رجل أنسا عن القنوت بعد الركوع أو عند الفراغ من القراءة؟ قال: لا بل عند الفراغ من القراءة " ومجموع
ما جاء عن أنس من ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع، وقد اختلف عمل الصحابة في ذلك والظاهر أنه من الاختلاف المباح.
*وفى كِتَاب الْجُمُعَةِ. باب الْقُنُوتِ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَبَعْدَهُ.
*فى الحديث:
عَنْ أَبِي قِلَابَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ كَانَ الْقُنُوتُ فِي الْمَغْرِبِ وَالْفَجْرِ
الشرح:
قوله: (كان القنوت في المغرب والفجر)
وقد روى مسلم من حديث البراء نحو حديث أنس هذا، وتمسك به الطحاوي في ترك القنوت في الصبح قال: لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب، فيكون في الصبح كذلك. انتهى.
*وظهر لي أن الحكمة في جعل القنوت النازلة في الاعتدال دون السجود مع أن السجود مظنة الإجابة كما ثبت " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد " وثبوت الأمر بالدعاء فيه أن المطلوب من قنوت النازلة أن يشارك المأموم الإمام في الدعاء ولو بالتأمين، ومن ثم اتفقوا على أنه يجهر به، بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به.
(تكملة) : ذكر ابن العربي أن القنوت ورد لعشرة معان، فنظمها شيخنا الحافظ زين الدين العراقي فيما أنشدنا لنفسه إجازة غير مرة: ولفظ القنوت اعدد معانيه تجد مزيدا على عشر معاني مرضيه دعاء خشوع والعبادة طاعة إقامتها إقراره بالعبودية سكوت صلاة والقيام وطوله كذاك دوام طاعة الرابح القنيه.أ.هـ
*فى كِتَاب تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ. باب لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ.
الحديث:
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ حَدَّثَنَا ابْنُ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى أَحَدٍ أَوْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ قَنَتَ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَرُبَّمَا قَالَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ وَسَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ وَعَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ وَاجْعَلْهَا سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ يَجْهَرُ بِذَلِكَ وَكَانَ يَقُولُ فِي بَعْضِ صَلَاتِهِ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ اللَّهُمَّ الْعَنْ فُلَانًا وَفُلَانًا لِأَحْيَاءٍ مِنْ الْعَرَبِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ لَيْسَ لَكَ مِنْ الْأَمْرِ شَيْءٌ الْآيَةَ
الشرح:
قوله: (كان إذا أراد أن يدعو أحد أو يدعو لأحد) أي في صلاته.
قوله: (قنت بعد الركوع) تمسك بمفهومه من زعم أن القنوت قبل الركوع، قال: وإنما يكون بعد الركوع عند إرادة الدعاء على قوم أو لقوم.
قوله: (وكان يقول في بعض صلاته في صلاة الفجر) كأنه يشير إلى أنه لا يداوم على ذلك.
*فى كِتَاب الدَّعَوَاتِ. باب الدُّعَاءِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ.
*فى الحديث:
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ فِي الرَّكْعَةِ الْآخِرَةِ مِنْ صَلَاةِ الْعِشَاءِ قَنَتَ اللَّهُمَّ أَنْجِ عَيَّاشَ بْنَ أَبِي رَبِيعَةَ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْوَلِيدَ بْنَ الْوَلِيدِ اللَّهُمَّ أَنْجِ سَلَمَةَ بْنَ هِشَامٍ اللَّهُمَّ أَنْجِ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اللَّهُمَّ اشْدُدْ وَطْأَتَكَ عَلَى مُضَرَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهَا عَلَيْهِمْ سِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ
الشرح:
حديث أبي هريرة في الدعاء في القنوت للمستضعفين من المسلمين، وفيه " اللهم اشدد وطأتك على مضر " أي خذهم بشدة، وأصلها من الوطء بالقدم والمراد الإهلاك، لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه والمراد بمضر القبيلة المشهورة التي منها جميع بطون قيس وقريش وغيرهم، وهو على حذف مضاف أي كفار مضر.أ.هـ
**قنوت الفجر ومدى مشروعيته:
*فى نيل الأوطار، الإصدار [تابع كتاب الصلاة] . أبواب ما يبطل الصلاة وما يكره ويباح فيها:... باب القنوت في المكتوبة عند النوازل وتركه في غيرها.
عن أبي مالك الأشجعي قال: (قلت لأبي يا أبت إنك قد صليت خلف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ههنا بالكوفة قريباً من خمس سنين أكانوا يقنتون قال أي بني محدث).
رواه أحمد والترمذي وصححه ابن ماجه. وفي رواية: (أكانوا يقنتون في الفجر) والنسائي ولفظه: (قال: صليت خلف رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم فلم يقنت وصليت خلف أبي بكر فلم يقنت وصليت خلف [ص 394] عمر فلم يقنت وصليت خلف عثمان فلم يقنت وصليت خلف علي عليه السلام فلم يقنت ثم قال يا بني بدعة).
الحديث قال الحافظ في التلخيص: إسناده حسن.
(والحديث) يدل على عدم مشروعية القنوت وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم كما حكاه الترمذي في كتابه وحكاه العراقي عن أبي بكر وعمر وعلي وابن عباس وقال: قد صح عنهم القنوت وإذا تعارض الإثبات والنفي قدم المثبت وحكاه عن أربعة من التابعين. وعن أبي حنيفة وابن المبارك وأحمد وإسحاق وحكاه المهدي في البحر عن العبادلة وأبي الدرداء وابن مسعود.
وقد اختلف النافون لمشروعيته هل يشرع عند النوازل أم لا وذهب جماعة إلى أنه مشروع في صلاة الفجر وقد حكاه الحازمي عن أكثر الناس من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار ثم عد من الصحابة الخلفاء الأربعة إلى تمام تسعة عشر من الصحابة ومن المخضرمين أبو رجاء العطاردي وسويد بن غفلة وأبو عثمان النهدي وأبو رافع الصائغ ومن التابعين اثنا عشر ومن الأئمة والفقهاء أبو إسحاق الفزاري وأبو بكر بن محمد والحكم بن عتيبة وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي. وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه وعن الثوري روايتان. ثم قال: وغير هؤلاء خلق كثير. وزاد العراقي عبد الرحمن بن مهدي وسعيد بن عبد العزيز التنوخي وابن أبي ليلى والحسن بن صالح وداود ومحمد بن جرير وحكاه عن جماعة من أهل الحديث منهم أبو حاتم الرازي وأبو زرعة الرازي وأبو عبد اللَّه الحاكم والدارقطني والبيهقي والخطابي وأبو مسعود الدمشقي.
وحكاه الخطابي في المعالم عن أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وحكى الترمذي عنهما خلاف ذلك.
قال النووي في شرح المهذب: القنوت في الصبح مذهبنا{ الشافعية} وبه قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم, وقال الثوري وابن حزم: كل من الفعل والترك حسن.
*واعلم أنه قد وقع الاتفاق على ترك القنوت في أربع صلوات من غير سبب وهي الظهر والعصر والمغرب والعشاء ولم يبق الخلاف إلا في صلاة الصبح من المكتوبات وفي صلاة الوتر من غيرها.
(وأما القنوت) في صلاة الصبح فاحتج المثبتون له بحجج منها حديث البراء وأنس الآتيان ويجاب بأنه لا نزاع في وقوع القنوت منه صلى اللَّه عليه وآله وسلم إنما النزاع في استمرار مشروعيته فإن قالوا لفظ كان يفعل يدل على استمرار المشروعية قلنا قد قدمنا عن النووي ما حكاه عن جمهور المحققين أنها لا تدل على ذلك وإذا سلمنا فغايته مجرد الاستمرار وهو لا ينافي الترك آخراً كما صرحت بذلك الأدلة الآتية على أن هذين الحديثين فيهما أنه كان يفعل ذلك في الفجر والمغرب فما هو جوابكم عن المغرب فهو جوابنا عن الفجر. وأيضاً في حديث أبي هريرة المتفق عليه أنه كان يقنت في الركعة الآخرة من صلاة الظهر والعشاء الآخرة وصلاة الصبح فما هو جوابكم عن مدلول لفظ كان ههنا فهو جوابنا. قالوا أخرج الدارقطني وعبد الرزاق وأبو نعيم وأحمد والبيهقي والحاكم وصححه عن أنس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قنت شهراً يدعو على قاتلي أصحابه ببئر معونة ثم ترك فأما الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا) وأول الحديث في الصحيحين ولو صح هذا لكان قاطعاً للنزاع ولكنه من طريق أبي جعفر الرازي قال فيه عبد اللَّه بن أحمد: ليس بالقوي. وقال علي بن المديني:
إنه يخلط. وقال أبو زرعة: يهم كثيراً. وقال عمرو بن علي الفلاس: صدوق سيئ الحفظ. وقال ابن معين: ثقة ولكنه يخطئ وقال الدوري: ثقة ولكنه يغلط وحكى الساجي أنه قال: صدوق ليس بالمتقن وقد وثقه غير واحد. ولحديثه هذا شاهد ولكن في إسناده عمرو بن عبيد وليس بحجة.
قال الحافظ: ويعكر على هذا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قلنا لأنس: (إن قوماً يزعمون أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يزل يقنت في الفجر فقال: كذبوا إنما قنت شهراً واحداً يدعو على حي من أحياء المشركين) وقيس وإن كان ضعيفاً لكنه لم يتهم بكذب. وروى ابن خزيمة في صحيحه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم لم يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم) فاختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم لمثل هذا حجة انتهى.
**[الخلاصة]:
(إذا تقرر لك هذا) علمت أن الحق ما ذهب إليه من قال إن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة أن لا تخص به صلاة دون صلاة. وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص من حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحه وقد تقدم.
ومن حديث أبي هريرة عن ابن حبان بلفظ: (كان لا يقنت إلا أن يدعو لأحد أو يدعو على أحد) وأصله في البخاري,وستعرف الأدلة الدالة على ترك مطلق القنوت ومقيده وقد حاول جماعة من حذاق الشافعية الجمع بين الأحاديث بما لا طائل تحته وأطالوا الاستدلال على مشروعية القنوت في صلاة الفجر في غير طائل.
(وحاصله) ما عرفناك وقد طول المبحث الحافظ ابن القيم في الهدى وقال ما معناه: الإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف أنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم قنت وترك وكان تركه للقنوت أكثر من فعله فإنه إنما قنت عند النوازل للدعاء لقوم وللدعاء على آخرين ثم تركه لما قدم من دعا لهم وخلصوا من الأسر وأسلم من دعا عليهم وجاؤوا تائبين وكان قنوته لعارض فلما زال ترك القنوت وقال في غضون ذلك المبحث: إن أحاديث أنس كلها صحاح يصدق بعضها بعضاً ولا تتناقض وحمل قول أنس ما زال يقنت حتى فارق الدنيا على إطالة القيام بعد الركوع وقد أسلفنا الأدلة على مشروعية ذلك في باب الجلسة بين السجدتين وأجاب عن تخصيصه بالفجر بأنه وقع بحسب سؤال السائل فإنه إنما سأل أنساً عن قنوت الفجر فأجابه عما سأله عنه وبأنه صلى اللَّه عليه وآله وسلم كان يطيل
صلاة الفجر دون سائر الصلوات قال: ومعلوم أنه كان يدعو ربه ويثني عليه ويمجده في هذا الاعتدال وهذا قنوت منه بلا ريب فنحن لا نشك ولا نرتاب أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا ولما صار القنوت في لسان الفقهاء وأكثر الناس هو هذا الدعاء المعروف اللَّهم اهدني فيمن هديت الخ وسمعوا أنه لم يزل يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا وكذلك الخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة حملوا القنوت في لفظ الصحابة على القنوت في اصطلاحهم ونشأ من لا يعرف غير ذلك فلم يشك أن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم وأصحابه كانوا مداومين على هذا كل غداة وهذا هو الذي نازعهم فيه جمهور العلماء وقالوا لم يكن من فعله الراتب بل ولا يثبت عنه أنه فعله وغاية ما روي عنه في هذا القنوت أنه علمه الحسن بن علي إلى آخر كلامه وهو على فرض صلاحية حديث أنس للاحتجاج وعدم اختلافه واضطرابه محمل حسن. واعلم أنه قد وقع الاتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقاً كما صرح بذلك صاحب البحر وغيره.أ.هـ
*وفى باب القنوت في المكتوبة عند النوازل وتركه في غيرها.
عن أنس: (أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم قنت شهراً ثم تركه).
رواه أحمد. وفي لفظ: (قنت شهراً يدعو على أحياء من أحياء العرب ثم تركه) رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه. وفي لفظ: (قنت شهراً حين قتل القراء فما رأيته حزن حزناً قط أشد منه) رواه البخاري.
(والحديث) يدل على عدم مشروعية القنوت في جميع الصلوات. وقد جمع بينه وبين حديث أنس الدال على أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم ما زال يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا بأن المراد ترك الدعاء على الكفار لا أصل القنوت.
*وفى باب القنوت في المكتوبة عند النوازل وتركه في غيرها.
عن أبي هريرة: (أن النبي صلى اللَّه عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع فربما قال إذا قال سمع اللَّه لمن حمده ربنا ولك الحمد اللَّهم أنج الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين اللَّهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف قال: يجهر بذلك ويقول في بعض صلاته في صلاة الفجر اللَّهم العن فلاناً وفلاناً حيين من أحياء العرب حتى أنزل اللَّه تعالى: {ليس لك من الأمر شيء} الآية).
رواه أحمد والبخاري.
ولأبي داود: (قنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم في صلاة العتمة شهراً) ونحوه لمسلم ولكن هذا لا ينفي كونه صلى اللَّه عليه وسلم قنت في غير العشاء. وظاهر سياق الحديث أن جميعه مرفوع.
قوله (فيدعو للمؤمنين) هم من كان مأسوراً بمكة والكفار كفار قريش كما بينه البخاري في تفسير سورة آل عمران. وهذه الأحاديث تدل على مشروعية القنوت عند نزول النوازل وقد تقدم الكلام عليه وقد اقتصرنا في شرحها على هذا المقدار وإن كانت تحتمل البسط لعدم عود التطويل على ما نحن فيه بفائدة.
*وفى باب القنوت في المكتوبة عند النوازل وتركه في غيرها.
عن ابن عباس قال: (قنت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وسلم شهراً متتابعاً في الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع اللَّه لمن حمد من الركعة الآخرة يدعو عليهم على حي من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه).
رواه أبو داود وأحمد وزاد: (أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم) قال عكرمة: كان هذا مفتاح القنوت.أ.هـ
***هذا والله تعالى أعلى وأعلم ***
** وصلى اللهم على محمد وآله وصحبه أجمعين**